استعانت قبرص بالبومة البيضاء والأفاعي لحماية أشجار الخروب التي تشتهر بها منذ الأزل هذه الجزيرة الواقعة في البحر المتوسط والتي كانت سلعة تصديرية مزدهرة إلا انه تتهددها الآن الجرذان ومشروعات التنمية العمرانية.
ومنذ ابريل نيسان الماضي بدأ أنصار الحفاظ على البيئة في مزارع الخروب (الخرنوب) التي ترجع نشأنها الى قرون مضت قرب السواحل الجنوبية لجزيرة قبرص في اعداد أعشاش للبومة البيضاء وللافاعي غير السامة لاسيما الثعبان الاسود في إطار الجهود الرامية الى عدم استخدام السموم لابعاد قطعان الجرذان التي تفتك بأشجار الخروب والاستعانة بالاعداء الطبيعية لها وهي الثعابين والبوم.
وقال مينيلاوس ستافرينيديس وهو استاذ مساعد بجامعة قبرص للتكنولوجيا والمنسق الميداني لهذا المشروع “أشجار الخروب مهمة لقبرص من الوجهتين التاريخية والثقافية. إنها سمة مميزة للجزيرة وللناس الذين يعيشون عليها إنها مصدر مهم للدخل”.
وفي ستينات القرن الماضي كانت قرون الخروب من السلع التصديرية الاساسية للجزيرة وكان متوسط حجم الانتاج يصل الى 53 ألف طن سنويا ما جعل قبرص ثالث أكبر مصدر للخروب على مستوى العالم.
وتستخدم الحبوب الموجودة بقرون الخروب في صناعة صمغ وعلكة حبوب الخروب وهي مستحلبات نباتية تدخل بكثرة في الصناعات الغذائية.
لكن مع تحول قبرص من اقتصاد يعتمد على الزراعة الى مركز للخدمات المالية تضاءل محصول الخروب فيما تشير أحدث بيانات من عام 2012 الى ان حجم الانتاج من الخروب تراجع الى تسعة آلاف طن.
ولا تحتاج زراعات الخروب الى رعاية خاصة إذ تكفي عمليات تقليم الاشجار بين الحين والآخر ومن ألد أعداء نبات الخروب الجرذ الاسود الذي يقرض قلف هذه الاشجار وفي حالة عدم القضاء على الجرذان فانها يمكن ان تأتي على مجموع الشجرة الخضري لتهلك ببطء.
أما اسلوب المكافحة التقليدي الذي يتلخص في وضع السم فليس ذي جدوى ويمكن ان يهدد بالخطر الطيور والحشرات الاقتصادية والزواحف. ويعتقد ان أشجار الخروب هي الموطن الطبيعي لخنفساء فريدة تتميز بها قبرص وتعتبر من الانواع المهددة بالفناء.
وقال ليفكيوس سيرجيديس من جماعة تيرا سيبريا للحفاظ على البيئة والمشاركة في هذا البرنامج الذي يستمر ثلاث سنوات “بالاستعانة بالبوم فاننا نجعل الطبيعة تأخذ مسارها. إن زوجا من البومة البيضاء يمكنه ان يقتل نحو ثلاثة آلاف جرذ سنويا”.
ويركز جزء من برنامج الحفاظ على الخروب على منطقة انوجيرا الصغيرة التي كان انتاج الخروب بها يمثل السلعة الاقتصادية الاساسية.
وقال ميكائيليس ماكري وهو مزارع مسن ظلت عائلته تزرع اشجار الخروب طيلة اجيال إن أحدا لا يعرف مدى قدم أشجار الخروب.
وقال “كانت أشجارا عتيقة عندما كان جدي على قيد الحياة. لقد وجدناها هنا”.