المؤلم المحزن المشوش المضل المهلك المزور تجده كله حاضرا في تاريخ القوى الدينية السلطوية التي ادعت خلافة الله على مر العصور ووفقا لهذا الادعاء فانه من حقها استعباد البشر والتنكيل بهم وجعل الحرام إن اقتصر عليهم في حدود وان خص العامة فبالمطلق وحلالهم بالمطلق وحلال العامة أصبحت له فلسفة ونسجوا له فقها.، أما التطرف والمغالاة والعنصرية والثقافة المتعلقة بذلك فجاءت من خلال تلك القوى الدينية الرجعية الشمولية ومن نشأ على شاكلتهم ممن ركب موجة العرق والقومية لنفس الأغراض ونبقى على هذا الحال حتى ينفذ صبر الشعوب وترتفع حرارة وغيرة النخب من أجل إنقاذ المنكوبين من العامة وهم الغالبية العظمى عندها قد تجد رجال الدين معلقين على المشانق بحبال من أمعاء السلاطين الطغاة وفي ظل عدم نضوج المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط لن تقوم ثورات إصلاحية بل هدامة معطلة بمعنى الكلمة لكنها لن تبقي ولن تذر لذا فمن الأصلح والأفضل على القوى الدينية السلطوية أن تعدل لضمان مصالحها الذاتية لكنهم لن يعدلوا طالما قاموا على الإدعاء والباطل والأديان الأخرى ليس بعيدة عما نتناوله لكن المقال يقتصر على عنوانه.، ولتذكير أنفسنا والجميع فإن الأديان في أساسها وجوهرها قائمة على الفضيلة وجوهرها لا يسمح بباطل السلطة والسلاطين القائمين على الظلم وشتان بين السلطة والحكم .،ولتعلق الأمر بمنطقة الشرق الأوسط والقوى الإسلامية فإننا نتكلم عن السلطات الإسلامية المدعية باسم الإسلام وخلافة الله وما بنته من تطرف ومغالاة وفكر عنصري في هذا الاتجاه مفترضين أنهم هم من يحددوا من يدخل الجنة ومن يدخل النار وفقا لإدعائهم الخلافة الإلهية بالرغم من قوله تبارك وتعالى |(كتب على نفسه الرحمة ) وهو الرحمن الرحيم..ويسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا..وما كان المسلم بـ سبابا ولا لعانا ولا فحاشا..والمسلم من سلم الناس (الناس)من لسانه ويده وبهذه الكلمات وفي هذا كله قيمة إنسانية وأخلاقية تتيح إقامة أفضل وأرقى الحضارات البشرية.، لكن تاريخا طويلا امتد لقرون قام على التشويه وإرباك الأجيال المتعاقبة وإقامة سلطات بالباطل وتغييب العدل كفيل بهلاك الماضي والحاضر وأبعاد أمل المستقبل بعيدا بعيدا حتى تكاد لا ترى له افقأ بعيدا على مدى أجيال.، وعلى سبيل المثال فالمرشد الإيراني الذي يراوح في مسيرته ونظامه بين هويتين الهوية الأساسية في التعاطي قائمة على التوافق مع النظام الدولي والثانية قائمة على التزاوج بين المفهومين القومي والإرث التاريخي المتزاوج مع شعار وخطاب الدين الذي هو الوسيلة المثلى لبلوغ السلطة والمثير للعواطف والفتن وبالتالي تمكنت سلطة رجال الدين من الاستيلاء على ثورة شعب ومجاراة الغرب وتأسيس سلطة الحق المطلق لرجال الدين من خلال فرضية الولي الفقيه.،وإذا ما وضعنا فلسفة العدل الإلهي أمامنا في موضع ووضعنا فلسفة وسلطة الولي الفقيه في موضع وفلسفة السلطة الملكية الإيرانية في موضع وسلطة الزعيم الخالد الدكتور مصدق رئيس وزراء إيران الأسبق في موضع سنجد أن الأقرب إلى العدل الإلهي هي سلطة وثقافة الدكتور مصدق هي الأفضل تليها السلطة الملكية الإيرانية فهي على الأقل لم تدعي خلافة الله ولم تستخدم شعار الدين خاصة في مراحلها الأخيرة.، ورحم الله العالمين الخالدين النقيين الدكتور علي شريعتي وهو فيلسوف ومفكر إيراني والدكتور علي الوردي وهو عالم اجتماع ومفكر عراقي تستنير بهما الملايين فكلاهما كانا منارة للنور ذاته حيث سلطا الأضواء على النكبات والعقد الاجتماعية والفكرية وتجاوز رجال الدين على الدين والرعية لأجل مزايا السلطة فابرزا بفكرهما وجود وعاظا للسلاطين ورجالا لله وهذا فكر يستنار به وذاك فكرا يضل المهتدين وعيب أمة إقرأ أنها لا تقرأ لذلك فإن التغرير بها هو أسهل ما يقوم به دعاة السلطة وأتباع السلاطين.
اثار دهشتي ما سمعته من تصريحات صادرة عن المرشد الإيراني علي خامنئي الذي يتكلم فيه عن اليمن وشعبه البريء وعن قلقه لأجل اليمنيين المتضررين على حد قوله من ما وصفه بالحملة السعودية على اليمن واليمنيين ومشروع عاصفة الحزم واليوم انا اكتب بعد انتهاء العاصفة التي برأيي منذ البداية وإلى الآن انها غير حازمة ولن تكون بالحازمة ولا اعتقد أن تصريحاته بعيدة عن الصراع الإيراني السعودي الذي بلغ ذروته هذه الأيام وما كانت عاصفة الحزم إلا رسالة وجهتها السعودية لغيران مفادها أننا مستعدون لإنفاق المليارات من أجل إيصال مجرد رسالة .، فالسعودية الواقعة بين نفوذ إيراني في الخليج والعراق وسوريا بقوة وفاعلية بالغة و بلغ النفوذ في اليمن حد إدارة الملف اليمني كاملا ولليوم وكذلك النفوذ الإيراني المعطل في لبنان وجدت نفسها محاصرة من جميع الجهات وظنت إيران أنها ستبقى مكتوفة الأيدي مبقية الصراع باردا صامتا وهنا لم تجد السعودية خيارا غير إرسال هذه الرسالة وبهذه الكلفة العالية.، ونسي المرشد الأعلى وتناسى كثيرا أن ما يجري في اليمن هو نتاج لتصديره للثورة ضمن إدارة الصراع في ملف سلطة الخلافة الإلهية ونسي وتناسى جرائم نظامه التي لا تزال قائمة في إيران وفيها الظلم والفقر المدقع الذي أضنى الشعب وجعل أكثر من 45% منه تحت خط الفقر في بلد ثري بمقدرات زراعية ونفطية وسياحية وصناعية وفكرية وبشرية لا تحصى ولا تعد إضافة إلى الكم الهائل من الدماء التي أهدرت بالباطل في ظل ولاية الفقيه وعشرات الآلاف الذين اعدموا في السجون بعد إتمامهم أحكاما بالسجن اعدموا بدم بارد وحكموا بحكمين قضائيين على تهمة واحدة على رأي سياسي مصلح وقد ظلم المرشد نفسه رفاق سجنه ونضاله ،وفي العراق حمامات من الدم وسيول من مشاريع الفتن وهتك سيادة الدولة وهدمها وهدر ثرواتها ودعم الفوضى فيها وسوريا التي يساهمون في بناء وتأجيج بؤرة براكين طائفية سنراها في المستقبل القريب ولبنان الذي قلبوا فيه الموازين واضطهدوا فيه المصلحين والمعتدلين وارهبوهم والخليج الذي زرعوا فيه الرعب وعطلوا فيه الحياة وجعلوه على كف عفريت..فاين العدل الإلهي وأين وجهة وشكل الرشد في تصريحاتك أيها المرشد.
والحقيقة هي أن تلك الثقافة الدينية القائمة على التطرف والفتن وقلب الحقائق والتشويه لا يمكن لها أن تكون وسيلة للحكم أو ركيزة لعدالة إجتماعية أو حتى لعدالة انتقالية.
على الشعوب السعي في إصلاح ذاتها ووضع حد لتشويه الأديان بزجها بالسلطة. والله غالب على أمره