لم يكن أبو بكر البغدادي، الذي أعلن عن نفسه خليفة لتنظيم “الدولة الإسلامية”، كثير الظهور. والآن يعيش وضعاً صحياً صعباً بعد إصابته. وبحسب تقارير صحفية، فإن التنظيم جاهز لتعيين خليفة له، فمن هو الرجل الثاني في صفوف التنظيم؟
يعتبر أبو بكر البغدادي اليوم أخطر إرهابي في العالم. ولكن لا يُعرف الكثير عن الرجل، الذي أعلن عن نفسه خليفة لما يعرف بتنظيم “الدولة الإسلامية”. اسمه إبراهيم البدري، نشأ في ظروف فقيرة في مدينة سامراء شمال بغداد. أما اليوم فالوضع مختلف: لديه وفرة من المال، وصار قائداً لجيش أطلق عليه اسم “الدول الإسلامية في العراق والشام”، قبل أن يُحذف المكانان من التسمية، وتصبح “الدولة الإسلامية” فقط.
وقبل أسابيع قليلة، تمكن فريق صحفي استقصائي من صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” والقناة التلفزيونية الألمانية الأولى من العثور على صور والعديد من الوثائق غير المعروفة عن حياة البغدادي. “الوثائق التي عثر عليها ترسم صورةً لرجل كان يحب السلطة، تم إعفاؤه من الخدمة العسكرية لأسباب صحية. عمل كمؤذن ومدرس لتلاوة القرآن”، هذا ما جاء في تقرير الفريق الصحفي الألماني.
هل البغدادي مصاب؟
امتنع البغدادي عن الظهور العلني. وحتى الآن لم تظهر له سوى صور قليلة، وذلك خلال ظهوره العلني الوحيد في مسجد النوري في الموصل. يومها شاهد العالم وجهه للمرة الأولى. هل سيظهر ثانية للعلن؟ أمر تصعب الإجابة عليه حاليا. بحسب تقرير صحفي -لم يتم التأكد منه- نشره الموقع الإلكتروني لصحيفة “الغارديان” البريطانية، فإن البغدادي يعاني منذ شهرين من إصابة خطيرة في العمود الفقري. وهو موجود الآن في مخبئه في الموصل، معقل “الدولة الإسلامية”. ويعالجه حالياً طبيبان. الإصابة وقعت نتيجة غارة شنتها طائرات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في الـ18 من مارس/آذار الماضي.
وزارة الدفاع الأمريكية أكدت حصول الغارة، ولكنها نفت علمها بإصابة البغدادي. صحيفة “الغارديان” ذكرت أن مصادرها هم أشخاص موجودون داخل الموصل، ولكنهم لا يرغبون بالكشف عن هويتهم. كما تشير المعلومات إلى أن التنظيم الإرهابي لديه خليفة للبغدادي.
الرقم اثنان في التنظيم
عبد الرحمن مصطفى القادولي (المعروف باسم: أبو علاء العفري)، يقال بأنه مقرب جداً من البغدادي ويعمل معه. الإدارة الأمريكية اعتبرت العفري الرجلَ الثاني في قيادة “داعش”. “داعش يثق كثيراً به”، كما يقول هشام الهاشمي، مستشار رئيس الوزراء العراقي الخاص في ملف “داعش”. وفي حديثه مع الغارديان وصف الهاشمي العفري بأنه: “ذكي، قائد جيد وإداري جيد. وفي حال موت البغدادي، فإن العفري سيتولى القيادة”.
ولد العفري في الفترة بين عامي 1957 و1959 في الموصل. وبحسب المعلومات التي ذكرها الهاشمي، فقد أصبح العفري مدرساً للفيزياء، وبنفس الوقت نشر عدة مؤلفات دينية. ويعتبر عضواً قديماً في التنظيم الإرهابي.
تحت قيادة أبو مصعب الزرقاوي تم تأسيس الجماعة الإرهابية “القاعدة في العراق”، والتي غيرت اسمها في عام 2006 بعد موت الزرقاوي، وصارت تعرف بـ”الدولة الإسلامية في العراق”. تولى القيادة أبو عمر البغدادي حتى عام 2010، وقتها قُتل بغارة أمريكية. وجرت معاملة العفري على أنه خليفته. أسامة بن لادن، الذي كان يعتبر لوقت طويل أخطر إرهابي والذي قتل في 2011، كان يُفضل تولي العفري لقيادة فرع التنظيم في العراق. ولكن أبا بكر البغدادي هو من تولى القيادة.
Screenshot Rewards for Justice Abd al-Rahman Mustafa al-Qaduli
على موقع “المكافآت من أجل العدالة” الإلكتروني، إعلان بمكافأة مالية قدرها 7 ملايين دولار.
ومنذ عام 2013 بدأ تنظيم “داعش” يتدخل في الحرب السورية، ووضع نفسه عدواً جديداً للغرب. فالتنظيم ينشر الخوف والرعب وصار معروفاً بنهجه الوحشي، وفي الوقت نفسه يتصرف كدولة تريد توسيع مناطق سيطرتها.
ملايين الدولارات مقابل معلومات عن القياديين
ورصدت الولايات المتحدة مكافآت مجزية، يبلغ مجموعها 20 مليون دولار، لمن يدلي بمعلومات عن أربعة أشخاص وصفوا بأنهم قيادات بارزة في تنظيم “الدولة الإسلامية”، من بينهم العفري. سبعة ملايين دولار ستمنح لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى قتل العفري أو اعتقاله.
صالح الفيلي، المحلل والمستشار لدى حكومة إقليم كردستان العراق، يعتبر هذا التكتيك الأمريكي تصرفاً صحيحاً: “علينا أن لا نغفل أن هناك متنافسين داخل تنظيم داعش. وأنهم جميعاً أمراء حرب. إنهم يهتمون بالمال كثيراً. هذه الطريقة ستقود إلى منافسة بين أعضاء التنظيم، كما ستنشر مناخاً من الخوف، وتسبب ثغرات أمنية”.
وقبلها كانت واشنطن قد رصدت مبلغ 10 ملايين دولار كمكافأة لمن يدلي بمعلومات تقود لاعتقال البغدادي زعيم التنظيم.