بث تلفزيون النظام الإيراني الخميس 7أيار/مايو جوانب من تصريحات الخامنئي حينما أعرب عن خوفه من أن «العدو أخذ يتآمر بشكل خاص» محذرا من هذه المسألة.
والسؤال المطروح هنا بأنه هل تم بث تصريحات الخامنئي متزامنا مع المظاهرة العارمة للمعلمين وانتفاضة أهالي «مهاباد»، من باب الصدفة أم له معنى خاص؟ وخاصة في الوقت الذي تم فيه بث تصريحات الخامنئي بعد 3أيام من إطلاقها في الأحد، بحسب تلفزيون النظام الإيراني.
ومما لاريب فيه أن هذا التزامن لم يكن من باب الصدفة لكنه ومهما كان السبب لبث تصريحات الخامنئي فإنها تظهر بوضوح مدى شعور الولي الفقيه بالقلق حيال الوضع الأمني الهش للنظام الإيراني لاسيما أنه يخاف جدا من مواجهة الشباب الذين يربطهم الخامنئي كالعادة بالأجانب.
ولافت للنظر أن الولي الفقيه يتخوف بشكل جاد من الوضع الأمني الهش حيث اضطر إلى أن يظهر في الساحة شخصيا للحيلولة دون مسيرات ينظمها المعلمون حيث حاول أن يعزي أي نوع من الاحتجاج إلى الأعداء الحاقدين للنظام. ولاداعي للقول بأنه يقصد إرعاب المعلمين حتى لايتحركوا لكنه قد ضرب في حديد بارد.
وإن مناهضة أهالي «مهاباد» تعتبر جانبا آخر من الأجواء المحتقنة المتفجرة للمجتمع لكنه وأبعد من ذلك فإن الخامنئي قد أظهر خوفه وقلقه تجاه هذا الوضع في كل تصريحاته التي قد أدلى بها خلال الأشهر الأخيرة كونه يكون على بصيرة من هذا الوضع الأمني المجتمعي أكثر من أي شخص آخر كما إنه أدرى من الآخرين، بمدى خطورة الأجواء المحتقنة لدى الشارع.
ومن البديهي أن عناصر النظام الإيراني ووسائل الإعلام التابعة له يسعون إلى الإيحاء بأن مناهضة أهالي «مهاباد» تعد حدثا اجتماعيا واشتباكا روتينيا اندلع إثر غليان انفعالات الشباب في مدينة «مهاباد». لكن الحقيقة هي أن المسألة قد أخذت مغزى سياسيا بعد أن اتضح بأن عنصر لوزارة المخابرات قد عمد إلى التحرش على فتاة مظلومة في مدينة «مهاباد» مما أدى إلى مصرع الفتاة. وهذا يشبه ما جرى بحق «ريحانه جباري». ومن ثم رفع الأهالي شعار «الموت للدكتاتور» وشعارات مماثلة كما إنهم أحرقوا فندقا كان وكرا من أوكار عناصر وزارة المخابرات بمزيد من هجومهم على دائرة المخابرات بمدينة «مهاباد». وعلى سياق متصل كشفت تصريحات مسؤولي النظام الإيراني في «مهاباد» بينهم قائممقام المدينة والمساعد السياسي الأمني للمحافظ عن المغزى السياسي والأمني لهذا الموضوع. ولافت للنظر أن المؤسسات القمعية للنظام الإيراني في هذه المدينة قد اعتقلت أكثر من 700 شخص بين عشية وضحاها خلال تظاهرات يوم الخميس، بحسب تقارير واردة.
لكن أبعد من هذا الحدث أو ذاك، وأبعد من مظاهرات المعلمين ومناهضة أهالي «مهاباد» فإن كل هذه الأحداث تعتبر جزءا من سلسلة الاحتجاجات المتلاحقة التي تعتصر النظام الإيراني. وعلى سبيل المثال إن تظاهرتين للمعلمين في غضون أقل من 3أسابيع، لم يسبق لهما مثيل خلال السنوات الأخيرة كما إننا وبعد حلول العام الإيراني الجديد منذ شهر ونصف شهر، قد شاهدنا مناهضتين كبيرتين، الأولى في محافظة «خوزستان» بحجة إقدام الشاب العربي «يونس عساكره» على إحراق نفسه والثانية هي احتجاج أهالي «مهاباد» على مصرع «فريناز خسرواني» مما يعتبر استمرارا للأجواء المحتقنة للمجتمع في كافة المدن الكوردية في إيران.
وقد حذر الخامنئي في تصريحاته بمناسبة اليوم الأول للعام الجديد، من الظروف الأمنية الخطيرة متوقعا أن أيادي تهدف إلى جعل المواطنين في وجه النظام الإيراني وإرغامهم على تنظيم الاحتجاجات. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو بأنه لماذا يطلق هذه التحذيرات التي تشير إلى أعداء حاقدين للنظام ومحاولتهم لجعل المعلمين في وجه النظام الإيراني وإلى غسل أدمغة الشباب بـ«تهديدات فكرية خطيرة»؟ وما هي الجهة والقوى التي يشير إليها الولي الفقيه؟
وواضح أن هذه التصريحات هي تعبير عكسي لحقيقة أن النظام الإيراني يتعرض لتهديدات جادة من قبل الشباب الضائقين ذرعا الذين يتجهون باتجاه حركة المقاومة الإيرانية المنظمة من أجل إسقاط النظام.