الخامنئي في مأزق اليمن

 
التصريحات الأخيرة الصادرة من الخامنئي بمناسبة عيد المبعث 16 مايو/أذار أمام مجموعة من رموز النظام وسفراء وبعثات الدول العربية في طهران، كانت تتناقض مع ما كان قد أكد عليه قبل شهر تناقضاً واضحاً.
وهجم الخامنئي في كلمة ألقاها في  9 أبريل/ نيسان وبكلمات حادة مبطنة بالتهديد على السعودية وقال:«إنهم سيتلقون ضربة موجعة وسيمرغ أنف السعوديين في الوحل ولا ريب فيه.»
وأكد رئيس مكتب الخامنئي الملا كلبايكاني قبل أيام: سيتجه ”آل السعود“ إلى ”ال السقوط“ عاجلاً. (وكالة تسنيم- 2مايو/أيار)
أما هذه المرة فكانت لهجة الخامنئي لطيفة لو بعبارة أخرى وعلى وجه الدقة ضعيفة للغاية حيث امتنع عن تسليط اللسان على السعودية بحيث حمل أمريكا مسؤولية نشوب الحرب في اليمن مؤكداً أن هؤلاء خدعتهم أمريكا. وعلى النقيض مما كان قد أكد عليه قبل شهر:«لنا وللسعوديين خلافات في عديد من القضايا» إلا أنه أشار هذه المرة إلى القضايا المشتركة موضحاً:«لنا مصالح مشتركة مع دول الخليج».
إلى ذلك فأنه وسط هذه التصريحات المتضاربة أي أقوال ومواقف الخامنئي لهذه المرة ومواقفه المتخذة قبل شهر فلابد أن نعتبر موقفه الحالي بأنه موقفه الرئيس وأن الموقف الذي اتخذ من قبله لم يكن إلا مهزلة وتهديدات خاوية. والسبب بسيط جداً، توازن القوى! تواز القوى الذي انقلب على النظام بشكل مستمر  طيلة الشهر الماضي وفي جميع المجالات بما فيها السياسية والعسكرية والاقتصادية بحيث أنه لا محل للنظام الان في المعادلات الإقليمية عند العرب كثيراً.
هذه حقيقة تتجلى في تصريحات كل واحد من رموز النظام والجميع يذعن بهذا التوازن الذي يلحق ضرراً بالنظام في كافة المجالات. وعلى سبيل المثال أذعن ممثل الخامنئي الملا موحدي كرماني في صلاة الجمعة بطهران (15مايو/أيار) وبهجومه على الدول الإسلامية والجهات الدولية بسبب دعمهم للعربية السعودية بموقع السعودية السياسي المتفوق من جهة وعزلة النظام الإيراني من جهة أخرى . روحاني هو الآخر تأوه وقال إن السعودية تدبر أمورها  بدولارات وقنابل.
ويأتي الصراع الذي برز في الأيام الأخيرة حول السفينة التي تبحر تحت عنوان ”إمدادات إنسانية“ لليمن كمؤشر آخر على شدة عدم تساوى توازن القوى بين الطرفين فيما نشهد الان تنازل النظام عما كان يطبل ويزمر في الأيام الأولى.
وفي الإطار نفسه تحدثت افخم المتحدثة باسم خارجية النظام عن «وصول هذه الإمدادات إلى الشعب اليمني في أقرب زمن وفي تنسيق مع مكتب الإمدادات الإنسانية لدى الأمم المتحدة.»
من جهة أخرى أكد الملا موحدي في صلاة الجمعة بطهران ذاته:« يؤكد أوباما لدول الخليج… لاتخافوا (من) إيران.» إلا أن الخامنئي وفي كلمة أدلى بها 15 مايو/أذار قد حذر الدول الإسلامية بقوله «يخلق الاستكبار، عدواً وهمياً كي يجعلهم يخافون بعضهم من بعض.»
ولا تقتصر التضاربات على هذه النماذج، إنما هي أمر متسلسل كما هدد نائب قائد قوات الحرس الحرسي سلامي مرة السعودية ودول المنطقة وأمريكا بالحرب و”الرصاص الخارق“ بألفاظ شديده وجعجعة فارغة فيما قال من جهته الحرسي محسن رضايي بصراحة: ”إننا لا نقدر ولا نريد إرسال قوات مسلحة“. (تلفزيون النظام 13مايو/أيار 2015)
كما نأى علي لاريجاني بنفسه من أي محاولة لإقامة الامبراطورية والتوسعية: ”لا سمح الله إذا هاجمكم الكيان الصهيوني فإن إيران جاهزة للدفاع عنكم، لإنكم أمة مسلمة“.. (كلمة له في برلمان النظام 13أيار/مايو 2015)
وإن هذه التضاربات مبنية على التوازن الغير متعادل بشكل كبير وهذا ما يدفع الخامنئي إلى تغيير لهجته رغم مضي شهر وحتى مد يد الاستجداء إلى السعودية ودول المنطقة.
لكن هذه التضاربات والجعجعات الفارغة لن تنتهي بتصريحات الخامنئي الأخيرة لأنه بحاجة ماسة إلى إعطاء معنويات وتعزيز قواه القلقين الفاقدين معنوياتهم في داخل وخارج البلاد خاصة وإنه غير قادر على تزويدهم بالمال والسلاح بعد فيعمل مثلما يعمل الحادي بلابعير بهذه الجعجات الفارغة حتى لا يدرك هؤلاء مدى سوء حالة النظام ولا يسمعون أجراس الناقوس الذي ينذر بالخطر!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *