طالبت موسكو واشنطن بتقديم إيضاحات حول ما تناقلته وسائل إعلام عن نية الأخيرة نشر صواريخ مجنحة في أوروبا مجددا.
وحذرت وزارة الدفاع الروسية من “عواقب خطيرة للغاية على الأمن والاستقرار الدوليين جراء السير في هذا الخط تجاه اتفاقية الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى.
وكانت وكالة “أ ب” قد تمكنت من الاطلاع على جزء من تقرير أعده مكتب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال مارتن ديمبسي بشأن المتاحة أمام الولايات المتحدة، في حال خروجها من اتفاقية الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى ردا على “الانتهاكات الروسية”. ومن تلك الخيارات نشر صواريخ مجنحة في أوروبا أو آسيا ونشر صواريخ بالستية متوسطة المدى مجهزة بتقنية متقدمة تتيح تصحيح مسارها بعد دخولها الغلاف الجوي مجددا.
ولم يؤكد البنتاغون صحة ما نشرته وسائل إعلام حول نيتها نشر صواريخ مجنحة في أوروبا، بل اكتفى بالقول على لسان المتحدث جوي سويرس: “جميع الخيارات التي يجري النظر فيها، غرضها منع روسيا من تحقيق تفوق عسكري ملحوظ بفضل انتهاكاتها”.
وقال أناتولي أنطونوف نائب وزير الدفاع الروسي الثلاثاء 9 يونيو/حزيران إنه يتكون لدى القيادة الروسية انطباع بأن واشنطن تثير الضجة حول ما تسميه “الانتهاكات الروسية”، بغية الحصول على مبرر لخطواتها العسكرية “الجوابية” والتي تستهدف تعزيز “الزعامة الأمريكية” لمواجهة “الخطر العسكري الروسي”.
وأردف قائلا: “تجري وزارة الدفاع الروسية تحليلا دقيقا للمعلومات المتعلقة بتنفيذ اتفاقية الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى والتي نحصل عليها من مختلف المصادر. وإننا انتبهنا، طبعا، إلى المقالات بهذا الشأن في الصحافة الغربية. وتوجهنا بطلب عبر القنوات العسكرية-الدبلوماسية للحصول على إيضاحات رسمية من الجانب الأمريكي حول موقف البنتاغون من التصريحات المنسوبة إلى الجنرال ديمبسي”.
وفي هذا السياق أوضح أنطونوف أن الإجراءات التي تحدثت مصادر عسكرية أمريكية عن امكانية اتخاذها، ستعني خروج واشنطن من اتفاقية الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى.
وكانت “أ ب” قد ذكرت أن الإدارة الأمريكية تدرس 3 خيارات للرد على الانتهاكات المزعومة، وهي:
- استحداث دفاعات قادرة على اعتراض صاروخ يخرق الاتفاقية.
- نشر “قوة مضادة” في أوروبا تسمح بتدمير الصواريخ الروسية بضربة استباقية.
- الاعتماد على قدرات “الضربة التعويضية” وهو خيار ينطوي على احتمال استخدام القوات النووية.
وأعادت الوكالة إلى الأذهان تصريحات روبرت شير أحد مساعدي وزير الدفاع الأمريكيي المعني بالسياسية النووية، والذي أكد في أبريل/نيسان الماضي أنه “بإمكاننا أن نهاجم هذا الصاروخ في مكان وجوده في روسيا”. أما مسؤول آخر في البنتاغون هو برايان ماكوين فقال في ديسمبر/كانون الأول الماضي إن هذا الخيار ينص على نشر صواريخ مجنحة في أوروبا.
أما وزارة الدفاع الروسية فأكدت على لسان أنطونوف أن عودة الصواريخ الأمريكية متوسطة وقصيرة المدى إلى أوروبا ونشرها في مناطق أخرى، حيث يمكن أن تمثل خطرا على روسيا ودول أخرى لا تخضع لتعليمات واشنطن، سيأتي بتأثيرات سلبية حادة على الأمن والاستقرار العالميين.
وأعاد أنطونوف إلى الأذهان أن موسكو أكدت بإصرار على تمسكها بالاتفاقية، وتابع أن وزارة الدفاع تؤكد اليوم مرة أخرى استعدادها لبحث كافة المشاكل المتعلقة بتطبيق الاتفاقية على مستوى الخبراء، لكنه أكد أن هذا الحوار يجب أن يجري ليس على أساس اتهامات عديمة الأساس، بل على أساس الوقائع، وهذا ما ترفض واشنطن تقديمه لتثيت صحة الاتهامات الموجهة لموسكو. وذكر أن لموسكو أيضا أسئلة كثيرة حول مدى التزام الولايات المتحدة بالاتفاقية.
تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وقعا في عام 1987 اتفاقية تقضي بإتلاف كافة الصواريخ متوسطة المدى (ما بين ألف و5.5 ألف كم) وقصيرة المدى (بين 500 كم وألف كم) الموجودة بحوزتهما. وتم تطبيق الاتفاقية بالكامل بحلول 1991، وواصلت الدولتان عمليات التفتيش المتبادلة حتى عام 2001. لكن موسكو وواشنطن تتبادلان خلال الأشهر الماضية الاتهامات بخرق الاتفاقية، إذ تحدثت واشنطن عن تجارب مزعومة لصواريخ من هذا النوع، أجرتها روسيا. أما موسكو فترى أن واشنطن تخرق الاتفاقية من خلال تطويرها للدرع الصاروخية وبرنامج الطائرات من دون طيار، وتشير بهذا الخصوص إلى برامج أمريكية أخرى مثل “الضربة العالمية الخاطفة” التي تهدف إلى تغيير ميزان القوى بالعالم.