أدخل مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان)، الثلاثاء، تعديلات على قانون الأحزاب السياسية، حظر بموجبها تأسيس الأحزاب على أساس ديني، أو طائفي، أو عرقي، أو فئوي، أو على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل.
وفي ثاني جلسات المجلس لمناقشة القانون الذي أحيل من الحكومة قبل خمسة أشهر، أوضح وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، خالد الكلالدة، أن “هذا النص لن يطبق بأثر رجعي على ثلاثة أحزاب”.
ويعني حديث الكلالدة (ضمنا) أن التعديلات لن تؤثر على ثلاثة أحزاب أردنية سابقة تحمل صبغة دينية، وأسماؤها تحمل دلالات دينية، في مقدمتها حزب جبهة العمل الإسلامي، وحزب الوسط الإسلامي، وحزب الشورى.
وتعليقا على التعديلات الجديدة، قال مراد العضايلة، الناطق الإعلامي باسم حزب جبهة العمل الإسلامي، إن “التعديلات التي تجري على قانون الأحزاب، رغم أهميتها، لن تكون ذات جدوى، في حال لم يحمل قانون الانتخاب أي تعديلات جوهرية”.
وأضاف العضايلة في تصريح صحافي أن “الأهم في المعادلة السياسية والمدخل الحقيقي لمعالجة الاختلال السياسي في البلاد هو قانون الانتخاب، الذي يتيح صناعة حياة سياسية، وروحا جديدة للأحزاب، وينتج نوابا سياسيين، ثم حكومة برلمانية”.
ونفى أن يكون حزب العمل الإسلامي مؤسساً على أساس ديني، قائلاً إن الحزب “مفتوح لجميع الأردنيين، وفي عضويته الآن عدد من المسيحيين، لكن الحزب مرجعيته الإسلام، ومن يؤمن بمبادئ الحزب، فأبوابه مفتوحة له”.
من جانبه، قال عضو مجلس النواب، مد الله الطراونة، وهو أمين عام حزب الوسط الإسلامي، إن “التعديلات المتعلقة بعدم تأسيس الأحزاب عل أسس دينية وعرقية تنسجم مع الدستور الأردني، لكن المأمول اليوم أن يتم تقديم قانون انتخاب يمكّن الأحزاب من الوصول إلى السلطة”.
وأضاف الطراونة أن “قانون الانتخاب هو الحجر الأساس في أي عملية بناء سياسية ديمقراطية، ولا بد أن يضمن تمثيل عادل للأحزاب في البرلمانات المقبلة”.
وتنص التعديلات المزمعة على أن “الأحزاب تؤسس على أساس المواطنة، والمساواة بين الأردنيين، والالتزام بالديمقراطية، واحترام التعددية السياسية، وتتبع لأول مرة في تراخيصها ومتابعة شؤونها لوزارة الشؤون السياسية والبرلمانية، عوضاً عن وزارة الداخلية”، في مسعى من المشرع لنزع الصفة الأمنية عن العمل السياسي.
كما أجهض البرلمان اليوم تعديلات قانونية اقترحتها لجنة الاختصاص، تقضي برفع عدد مؤسسي أي حزب لـ 500 شخص، بدلاً من النص الذي كانت وضعته الحكومة في مشروع القانون، الذي يقول إن عدد مؤسسي الحزب يجب أن لا يقل عن 150 شخصا، ليبقى مقترح الحكومة ثابتاً على ما جاء عليه.
ورفض البرلمان تعديلات مقترحة على القانون، تلزم الأحزاب السياسية المشاركة في جميع الانتخابات في البلاد، كشرط لدخولها في تشكيل أي حكومات برلمانية، أو حزبية قائمة، معتبراً أن في ذلك تدخلاً في شؤون الأحزاب، وبمثابة فرض للمواقف عليها، إذ يمكن أن يكون لدى بعضها وجهة نظر في مقاطعة أي انتخابات.
ومن المتوقع أن ينهي البرلمان مناقشته للقانون مطلع الأسبوع المقبل، وبعد إقراره يذهب للغرفة الثانية في البرلمان (مجلس الأعيان 75 عضواً) وفي حال أقر القانون من قبل غرفتي البرلمان، لا بد أن يوشح بتوقيع الملك، وفق الدستور الأردني، ليصبح ساري المفعول، وفي حال اختلف النواب والأعيان على أي قانون لمرتين، تعقد جلسة مشتركة بينهما، وتجري التعديلات عليه بقرار ثلثي أعضاء المجلسين.
وسبق أن وعدت الحكومة الأردنية في أكثر من مناسبة أنها ستتقدم بمشروع قانون للانتخاب إلى البرلمان، صيف العام الحالي، وكان آخر التصريحات ما أدلى به رئيس الوزراء، عبد الله النسور، مطلع نيسان/ أبريل الماضي، بقوله: “نأمل أن نتقدم بمشروع قانون الانتخاب هذا الصيف، بعد أن نرى مشاريع قوانين اللامركزية، والبلديات، أُنجزت، أو على وشك الإنجاز”.
ومن المنتظر أن يَشرَع البرلمان، في غضون الأيام القليلة المقبلة، بحسب مصادر برلمانية، بمناقشة قانوني اللامركزية والبلديات، وهما من ضمن القوانين التي أدرجت على جدول أعمال الدورة الحالية للبرلمان.
وتسعى قوى أردنية حزبية وبرلمانية إلى تعديل جذري في قانوني الأحزاب والانتخاب، بما يضمن مشاركة فاعلة للأحزاب السياسية في الأردن، والوصول إلى صيغة توافقية، تنتهي معها فكرة قانون “الصوت الواحد”، الذي جرت وفقه آخر انتخابات برلمانية مطلع كانون الثاني/ يناير 2013، والتي قاطعها حزب جبهة العمل الإسلامي، وحزب الوحدة الشعبية (معارض).
ونظام “الصوت الواحد” هو نظام انتخابي يسمح للناخب باختيار مرشح واحد، وتقسم الدولة بشكل كلي إلى دوائر بعدد أعضاء المجلس النيابي، وفقا للتعداد السكاني، وليس المساحة الجغرافية.