تواجه الحكومة الإسرائيلية وجيش الاحتلال أزمة تتعلق بالدروز في سوريا. وتقول تقارير إن تلك الأزمة تؤرق صانع القرار منذ شهور، وإنه ينظر إلى التطورات في الساحة السورية على اعتبار أن تلك الطائفة تشكل امتدادا لعشرات الآلاف من الدروز الإسرائيليين، وإنه لا خيار آخر سوى تسليح دروز سوريا أو الاستعداد لاستيعاب مئات الآلاف من أبناء تلك الطائفة.
وأفاد تقرير لموقع “ديبكا” الإسرائيلي صباح الخميس 11 حزيران/ يونيو، أن أياً من الخيارين لا يقل صعوبة عن الآخر، وأن الحرب الأهلية في سوريا تمتد سريعا إلى جبل الدروز، حيث مئات القرى والبلدات التي يقطنها أكثر من نصف مليون درزي على مسافة 80 كيلومترا من هضبة الجولان، وقرابة 38 كيلومترا من الأردن.
ولفت الموقع إلى أن إسرائيل تفكر في الاستجابة لمطالب الدروز السوريين بتسليحهم، كي يمكنهم التصدي لثلاثة أعداء هم “الجيش السوري النظامي وحزب الله من جانب، والجيش السوري الحر من جانب آخر، فضلا عن تنظيم جبهة النصرة وتنظيم داعش” على حد قوله، مضيفا أن الأخير يسيطر في الأيام الأخيرة على أجزاء واسعة من جنوب سوريا، وأن هناك عدوا رابعا يتمثل في “تنظيم داعش في العراق، والذي يتقدم بوتيرة بطيئة ولكن بقوات كبيرة، صوب مداخل جبل الدروز”.
قرار صعب
وتقول مصادر عسكرية إسرائيلية تحدث معها الموقع، إن قرارا صعبا سوف يتخذه الجيش الإسرائيلي بشأن دروز سوريا، على الرغم من امتناعه عن التدخل في الحرب الأهلية طوال خمس سنوات تقريبا، وأنه في حال استجاب لمطالب زعماء الطائفة الدرزية في إسرائيل وسوريا فإن تلك ستكون المرة الأولى التي يتدخل فيها في الحرب السورية مباشرة.
ويذهب خبراء إسرائيليون إلى أن تسليح الدروز في المناطق التي يقطنونها في سوريا ليست مهمة سهلة مثلما يعتقدون، لأن الجيش الإسرائيلي سيجد نفسه مضطرا لتدريب وتسليح جيش درزي قوامة بين 20 إلى 30 ألف مقاتل. وعلى النقيض، في حال رفضت تشكيل وتسليح مثل هذا الجيش، في ظل رفضها لظهور قوة من هذا النوع في الشرق الأوسط، فإنها ستتحمل المسؤولية الأخلاقية عما سيحدث لتلك الطائفة، بما في ذلك خطر إبادة الآلاف منهم.
إيران على الخط
ويقول خبراء إسرائيليون إن هناك اعتبارا آخر حاسما ينبغي أن تضعه الحكومة الإسرائيلية في الحسبان، في حالة عدم تسليح الدروز، وهو أن “كل من طهران ودمشق وحزب الله عرضوا عليهم مؤخرا مساعدتهم في بناء جيش وقوات مقاتلة، بشرط عدم توجيه سلاحهم إلى نظام بشار الأسد”، على حد زعمهم.
ويعتقد هؤلاء الخبراء طبقا لما أورده “ديبكا” أن قرار إسرائيل بعدم بناء جيش درزي وتسليحه (حال اتخذته) مقابل اتجاه الدروز إلى طهران وحزب الله، سيعني تعزيز جبهة إيران – سوريا، وإضعاف القوات السورية المعارضة لنظام الأسد، وأنه لا توجد أي جهة لديها تقديرات بشأن تداعيات تلك الخطوة، أو طبيعة التهديد الجديد الذي سينشأ ضد إسرائيل.
ضغوط درزية
وتمارس شخصيات عسكرية وسياسية درزية في إسرائيل في هذه الأيام (يبلغ عدد الدروز في إسرائيل قرابة 130 ألف نسمة) ضغوطا كبيرة على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير دفاع موشي يعلون ورئيس الأركان جادي أيزنكوت، للتدخل ومساعدة الدروز في سوريا، ويلوحون بورقة دورهم في خدمة الأمن الإسرائيلي ومساهمتهم في حروبها ودور الكتيبة الدرزية (كتيبة السيف) في جميع الحروب الماضية، وأنه آن الأوان لكي تتعامل إسرائيل مع أشقائهم في سوريا بنفس المنطق.
وتخشى مصادر إسرائيلية أن يتولى ضباط كبار وجنود دروز بجيش الاحتلال مهمة مساعدة نظرائهم على الجانب الآخر من الحدود بشكل منفرد. رغم صعوبة الأمر، لكن هناك تقديرات بأن شخصيات عسكرية درزية، وبخاصة ضمن قوات حرس الحدود الإسرائيلي، تلوح بالتحريض على اجتياز الحدود لنجدة أشقائهم في سوريا، كورقة ضغط على حكومة نتنياهو.
خلافات داخلية
وتقول تقارير أن ثمة خلافات حادة بين زعماء الدروز في سوريا ما بين من يؤيد التعاطي مع المقترحات الإيرانية والسورية، وبين من يرفضها ويفضل الانضمام للقوات المناوئة لنظام الأسد، فيما يريد القسم الثالث البقاء في موقف حياد من الحرب الأهلية السورية. كما أن زعيم الدروز في لبنان وليد جنبلاط، والذي تراجع دوره في السنوات الأخيرة عن التأثير على جبل الدروز، طالب بانضمامهم إلى المعارضة ضد نظام الأسد.
وتزعم مصادر إسرائيلية طبقا للموقع، أن تل أبيب أعلنت التزامها بأن كل درزي يريد اجتياز الحدود ودخول إسرائيل من هضبة الجولان فإنها ستسمح له بذلك، وهو نفس الالتزام الذي أبدته عمان، ولكن المستوى الرسمي في كل من تل أبيب وعمان لم يؤكد على تلك المزاعم.
وتخشى مصادر في إسرائيل أن الوجه الآخر لتلك المعادلة هو احتمال أن يأتي اليوم الذي يتدفق فيه عشرات الآلاف من الدروز السوريين إلى الحدود الإسرائيلية كلاجئين من ناحية الجولان، وأنه سيكون على إسرائيل اتخاذ قرار بشأنهم، حيث لن يمكنها رفض دخولهم إليها.