لا تزال المعركة بين حزب الله وتنظيم داعش في القلمون مفتوحة، وتتركز في جبال جوسية السورية وجرود اللبنانية (البقاع الشمالي)، إلا أن التطورات الداخلية للتنظيم استطاعت أن تخطف أنظار اللبنانيين في حدثين.
ويتمثل الحدث الأول في مقتل المسؤول الشرعي السابق لداعش في الجرود أبو الوليد المقدسي، والثاني ما نقلته قناة “المنار” ولم يتم تأكيده رسمياً، مقتل أمير داعش بقصف طال وادي حميد، شرق عرسال، ويشكك ناشطون بصدقية الخبر.
ومثل هذه الأخبار من شأنها أن تلفت أنظار اللبنانيين، خصوصاً لوجود أسرى عسكريين لدى التنظيم غير معروف مصيرهم منذ أشهر.
وتزامنت هذه التطورات مع إقدام أهالي العسكريين المخطوفين لدى داعش على قطع طريق القلمون في لبنان الذي يربط طرابلس بيروت احتجاجاً على تقصير الدولة في اعادة ابنائهم.
وتؤكد مصادر سورية معارضة لـ “النهار”، رفضت الكشف عن اسمها أن “مقتل المقدسي وزوجته يعود إلى الخلاف الداخلي والتسجيل الصوتي الذي كشف فيه فساد داعش في الجرود”، موضحة أن “قيادة التنظيم طلبت من المقدسي الخضوع لمحاكمة شرعية، فرفض ذلك، فتوجهت مجموعة لاعتقاله وبدأ إطلاق النار ما أدى لمقتل ثلاثة عناصر من داعش والمقدسي وزوجته التي دخلت منذ أشهر إلى الجرود عن طريق لبنان”.
من هو المقدسي؟
“إنه رجل عشريني من فلسطين، يدعى مجد الدين، ويحمل الجنسية السويسرية، ويتقن المقدسي لغات عدة.
بدأ رحلته في “الجهاد” من الصومال وانتقل بعدها إلى اليمن وثم إلى سوريا، حيث كان مسؤولاً شرعياً لـ”جبهة النصرة” في درعا، لكنه اختلف معها وانشق عنها وانتقل إلى الرقة لمبايعة داعش، فتم تعيينه المسؤول الشرعي للتنظيم في القلمون، وتزامن ذلك مع تعيين أبو بلقيس البغدادي (عراقي الجنسية – مواليد 1994 – متشدد) أميراً لداعش في الجرود، فانتقلا سوياً لتنظيم صفوف داعش هناك.
وتضيف مصادر: “ما إن وصل المقدسي وبدأ بفرض البيعات على فصائل الجيش الحر في القلمون، وبات التنظيم يضم أكثر من 800 شخص خلال أشهر، نصفهم لا يدركون ما هي عقيدة داعش وبايعوا التنظيم من أجل المال والسلاح ومنهم بايعوا بالقوة ومن رفض دخل في قتال معهم”.
واتهم المقدسي بقتل أمير داعش السابق أبو أسامة البانياسي وقادة من الجيش السوري الحر كالمقنع وعرابة إدريس وغيرهم، لكنه نفى ذلك في التسجيل الأخير، كاشفاً عن حجم الفساد الذي كان منتشراً في صفوف التنظيم، ومنها أنه كان هناك نحو 250 شخصاً مسجلين في سجلات الرواتب، فيما في الحقيقة كانوا فقط 80 عنصراً فعليين.
وكشفت المصادر عن أن “العنصر الواحد الداعشي في الجرود راتبه لا يتجاوز 90$ شهرياً، ويؤمن له التنظيم كل احتياجاته من غذاء وثياب وتدفئة وأسلحة وذخائر”.
وأوضحت أن “المقدسي طالب بقتل أبو أسامة البانياسي في شباط فبراير الماضي لأن الأخير كانت علاقته وطيدة مع باقي الفصائل في الجرود، خصوصا “جبهة النصرة” التي يقودها أبو مالك الشامي الذي رفض مبايعة داعش رغم اصرار المقدسي على ذلك”.
وتابعت: “بعد مقتل البانياسي على يد المقدسي أمر أبو بلقيس البغدادي بعزل المسؤول الشرعي وفقد منصبه، وبدأ منذ ذلك الوقت يشعر بالخطر”، مضيفة: “حاول الرجل أن يهرب مع زوجته التي كانت معه في الجرود إلى القلمون الشرقي لكنه فشل في ذلك، ومجرد اطلالته بتسجيل صوتي يفضح فيه فساد داعش وكأنه يدرك أن نهايته الموت، إذ بات منذ ذلك الوقت مطلوباً بالنسبة إلى التنظيم إلى أن تمكنوا منه وقتلوه”.