بالرغم من محاولات ايران لوضع الشيعة في خدمة مشروعها فإنّ شيعة العرب شهروا رفضهم في وجه طهران. هذه الرسالة الجوهرية التي يحملها السيد محمد علي الحسيني، الأمين العام للمجلس العربي الاسلامي، والذي أخذ على عاتقه التأكيد على رفض الشيعة أن يكونوا ملحقين بالمشروع الايراني زذلك في حديث خاص لموقع 14 آذار الألكتروني، حيث قال “منذ اليوم الأول الذي أراد فيه الولي الفقيه الإيراني الموسوي الخميني بسط سطوته على ما بعد حدود الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وضع نصب عينيه استغلال الانتماء العقائدي والفقهي لبعض العرب كونهم من الشيعة الإثني عشرية، بغية تحويلهم الى ما يشبه طوابير تعمل بوحي من طهران وخدمة لمصالحها. نجح نظام الملالي تارة بالإغراء وتارة بالترهيب الذي وصل الى القتل وطوراً آخر بشهر سلاح التخوين. وإذا كانت عبارة “شيعة السفارة” هي الأحدث في هذا السياق، فإنّ الشيعة في لبنان بجورهم لم ولن يخضعوا لمن يريد سوقهم بعيداً عن انتمائهم الوطني والعروبي”.
وأضاف الحسيني “في هذا السياق، أود أن أذكر المؤتمر العام للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي يعقد بشكل دوري في أوروربا، وهو من مظاهر الرفض لحكم الملالي وهذا المؤتمر يمثّل الشعب الإيراني الذي نريد أن نتعايش معه ونجاوره ونحن نعتبره الممثل الحقيقي لإيران. كما أننا نؤيد كل تحرك لتقرير حق المصير يقوم به أي شعب وعلى رأس هؤلاء هم أهلنا في الأحواز العربية، الذين يغتصب الملالي حقهم وحرياتهم”.
وعن الوضع الإقليمي بشكل عام، أكّد السيد الحسيني على ان “امتنا العربية الاسلامية بمرحلة خطيرة للغاية، ويمكننا التركيز في عرض المخاطر التي يواجهها العرب والمسلمون على خطرين رئيسيين يهددان المصير العام. الاول هو خطر الاختراق الخارجي الذي تمثله ايران ، والثاني هو خطر التفتيت الداخلي الذي يمثله تنظيم داعش، وكلاهما وجهان لعملة واحدة خصوصاً أنهما يلجآن للسلاح المذهبي بغية تحقيق مبتغاهم؛ ففي حين أنّ ايران تثير النعرات الشيعية لتجد موطىء قدم في كل دولة عربية تصل اليها ، فداعش تثير النعرات السنية، لتبرير قيام دولة تزعم انها دولة الخلافة الاسلامية. التنظيمان يستخدمان العنف وسيلة لتحقيق المآرب؛ فطهران تدعم الجماعات والاحزاب التي تخرب دولها من الداخل، وداعش يتلقف الهدية الايرانية، وينشىء في المقابل قوة مقابلة. لتشتعل فتنة سنية شيعية ، لا تمت للاسلام بمختلف مذاهبه بصلة” .
وتابع العلامة الحسيني ” في المحصلة يساهم الاثنان في تدمير بنية المجتمع العربي ، بهدف الاستيلاء لاحقا على انظمة الحكم فيه وعلى مقدرات البلاد العربية . من هنا ، فان الموقف الاسلامي الصحيح يجب ان ينطلق من فهم ما نواجهه ، ومن ثم وضع خطة المواجهة. إذاً الصراع الايديولوجي تصاعد وسيتصاعد ولا سبيل لمواجهة الايديولوجية من خلال الأفكار العلمانية كما يعمل البعض لذلك. التجربة تثبت أن النداح في مواجهة اي مشروع مبني على عقيدة دينية يكون من خلال مشروع عقائدي أيضاً يستقطب الناس ويمهد لاسقاط المشروع الأول”.
وبخصوص السياسة الداخلية في لبنان، نبّه إلى أنّ “حزب الله يتولى تنفيذ الاجندة الايرانية ، فيعطل انتخابات الرئاسة ومعها سائر المؤسسات الدستورية ، بهدف جعل هذا البلد مجرد قاعدة عسكرية متقدمة للولي الفقيه على ساحل البحر الابيض المتوسط . وهذا ما هو قائم اليوم، فتارة تستخدم طهران هذه القاعدة في مواجهة اسرائيل لتحسين شروط مفاوضاتها النووية ، وتارة تستخدمها للقتال الى جانب النظام السوري ، لتحسين موقفها على طاولة التقاسم الاقليمي والدولي للنفوذ في شرق اوسط ما بعد الاتفاق النووي . سياسة حزب الله الايرانية المحضة لم تجر سوى الخراب والدمار للبنانيين عموماً، وللشيعة خصوصاً. وها هي قوافل الشباب المقتول في سوريا دفاعا عن طاغية دمشق، تبين حجم الخسائر التي اصابت الطائفة الشيعية ، هذا عدا عن الخسائر السياسية والاقتصادية والاجتماعية “.
وعن الحرب الدائرة في اليمن وسوريا، أجاب الحسيني “اليمن اليوم هو على مفترق طرق ، وسيحدد مستقبله الكثير من ملامح المستقبل العربي. فهذا البلد تعرض لحرب عدوانية ايرانية متسترة بالحوثيين وبعض بقايا النظام البائد . وقد أدى الانقلاب على الرئيس الشرعي للبلاد الى اشعال حرب جديدة تنذر بتفتيت اليمن واخضاعه كليا للسيطرة الايرانية . الا ان التدخل العربي القوي المتمثل بعاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية ، أعاد الامل بامكان الحفاظ على اليمن عربيا سيدا عزيزا . لذلك فان اي حل سياسي مقبل يجب ان يكفل انهاء مفاعيل الانقلاب ، ويضمن نهائيا لجم اليد الايرانية العابثة بمستقبل اليمن. وهنا لا يد من أن استنكر الهجمات على المملكة وعلى مساجدها وكلها تعني إلخاق الاذية بكل مسلم حقيقي. وعن سوريا، فقد آن أوان رحيل النظام الظالم والمجرم ، الذي حكم هذا البلد العزيز بجزمته الأمنية منذ عقود، وهو يدمره ويقتل شعبه ، منذ اربع سنوات بالاسلحة الفتاكة. ولا بد في هذا المجال من التحذير من اللعبة التي يلعبها النظام مع تنظيم داعش ، اذ يترك له مناطق تابعة له ، ليلتف الاخير وينقض على فصائل المعارضة السورية التي تحمل برنامجا وطنيا ، يحافظ على سوريا موحدة وسيدة قرارها” .
ووجه الحسيني الى العرب والمسلمين وحزب الله رسالة بمناسبة شهر رمضان قال فيها” ندعو حزب الله للانسحاب من سوريا فورا، وترك مصير هذا البلد لابنائه. ان تبني استراتيجية عربية بعيدة المدى، يكون عبر تشكيل القوة العربية المشتركة اول خطواتها ، كفيل بالقضاء على دولة الارهاب التي اقامها داعش في العراق وسوريا ، بتواطؤ غربي ودعم ايراني. المطلوب اليوم عقد قمة عربية طارئة في الرياض برئاسة خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز ، لتتخذ هذا القرارات التاريخية الملائمة. فالعرب اذا حزموا استطاعوا دحر العدوان الارهابي المزدوج ، الذي تمثله ايران وربيبها تنظيم داعش”.