تستمر السلطات التركية في شن حملات أمنية تتضمن اعتقال معارضين ومداهمة مقرات لجمعيات مدنية محسوبة على جهات معارضة لإظهار الحكومة بمظهر المتماسك بعد الانتكاسة التي مني بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 7 حزيران/يونيو الجاري.
آخر تلك الحملات الأمنية انطلقت أمس الأربعاء، في مدينتَي أنطاليا، ومانيسا، جنوب غرب البلاد، وشملت مداهمات لمقرات تعود لحركة “خدمة” التابعة لشيخ الدين المعارض محمد فتح الله غولن، واعتقال بعض القائمين عليها.
وتُعد الحملة الجديدة، استمراراً لسلسلة من الاعتقالات والنقل والفصل، طالت الآلاف من رجال الأمن والشرطة والموظفين، المتهمين بالانتساب لحركة خدمة، التي تطلق عليها الحكومة اسم “الكيان الموازي” وتتهم منتسبيها بالتنصّت والتغلغل في مفاصل الحكومة، والبلديات، والقضاء، والشرطة، والجيش، كما تتهمهم بمحاولة الانقلاب على الحكومة، وخلق دولة داخل الدولة، وحديثاً، أصدر القضاء التركي مذكرة اعتقال بحق زعيمها، المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتأتي الحملة ضمن ما تطلق عليه الحكومة اسم “الاشتباه المعقول”، الذي يندرج ضمن حزمة قوانين الأمن الداخلي الجديدة، التي أقرها البرلمان أواخر آذار/مارس الماضي، وصادق عليها أردوغان مطلع نيسان/إبريل الماضي.
وتهدف القوانين الجديدة إلى إعادة هيكلة المؤسسة الأمنية، في ظل تخوف أحزاب معارِضة من استغلال القانون لقمع الاحتجاجات السلمية، وتقييد الحريات العامة، إذ تسمح بعض مواد القانون لقوات الأمن الداخلي بتفتيش الأشخاص المشتبه بهم، بعد الحصول على إذن مكتوب في الأوقات العادية، وعلى إذن شفهي في الحالات العاجلة.
كما أطلقت السُّلطات التركية، أمس الأربعاء، حملة اعتقالات بحق 20 شرطياً في 15 مدينة؛ أبرزها إسطنبول، كبرى المدن التركية، ضمن تحقيقات متعلقة بخلايا تابعة لتنظيم “القاعدة” المتشدد.
وأصدرت دوائر الصلح والجزاء أمراً بتفتيش 11 جمعية مدنية، تمارس أنشطتها في القطاع الخاص؛ وقالت وسائل إعلام معارِضة إن قرار التفتيش لم يذكر الأسباب، وصادرت قوات الأمن الدفاتر التي تحتفظ بها الجمعيات، وأجهزة الحاسب.
ويقول معارضون إن المداهمات وحملات الاعتقال التي تشهدها البلاد، بعد الانتكاسة التي مني بها الحزب الحاكم، في انتخابات المجلس الوطني الكبير (البرلمان) و”تهدف إلى تضليل الرأي العام، وإيهامه باستمرار الوضع السابق، لإظهار الحكومة بمظهر القوة”.
ونشرت النيابة العامة في العاصمة أنقرة بياناً -وصفه معارضون بأنه بيان سياسي- أكدت فيه عزم السلطات القضائية على الاستمرار في التحقيقات الجارية حالياً، دون البقاء تحت تأثير الظروف الجديدة، التي أعقبت الانتخابات التشريعية.
وبعد إعلان النتائج الأولية للانتخابات؛ حصل حزب العدالة والتنمية على 4.87% فقط من الأصوات، ما يمنحه 258 مقعداً في البرلمان الذي يضم 550 عضواً، وكان الحزب يأمل في الاستحواذ على 330 مقعداً، ليتمكن تغيير الدستور، وتحويل البلاد إلى نظام رئاسي.