وقفت أمام المرآة بعد أنهت العاملات في الصالون تزيينها، أحبت عملهن، كان كل شيء رائعاً، وكانت أكثر من فاتنة، خاصة بعد أن ارتدت الثوب الذي أعدته لهذه المناسبة الخاصة، فاليوم زفاف شقيقتها الكبرى، وهي حريصة على أن تبدو الأجمل باعتبارها شقيقة العروس.
في تلك اللحظة رنَّ هاتفها، وكان المتحدث هو الشاب الذي تعرفت عليه قبل فترة، وأحبته بشدة، وها هو يتصل ليهنأها متمنياً أن يمر الزمن سريعاً بيوم زفافهما أيضاً، واعداً بأن ذلك لن يطول. شعرت بالخجل من كلماته فأرادت أن تغير الموضوع، وقالت له إنها أنهت التزين، وأخبرته أن ثوبها وشعرها ومكياجها كل شيء كان جميلاً، وأن الجميع يراها فاتنة، فطلب أن يراها هو أيضاً، قال إن من حقه أيضاً أن يرى عروسه المقبلة..
ويريد أن يرى كيف تبدو بعد أن تزينت، ولم يكن محتاجاً أن يعيد طلبه أكثر من مرة، فهي أيضاً تمنت لو يراها وهي في كامل جمالها وأناقتها، واتفقا أن يأتي إلى مكان إقامة العرس وينتظرها خارجاً، وسوف تخرج هي من العرس حيث الجميع منشغل، وتجلس معه لمدة يجب أن لا تتجاوز خمس دقائق، فعليها أن تعود قبل أن يتنبه أحد لغيابها.
كانت حسنة النية، تحلق بأحلام فتاة في الثامنة عشرة من عمرها، ترى في الحب معاني راقية تستحق في سبيلها بعض المخاطرة، أما هو فكان من عالم آخر، يتخذ من هذه المشاعر وسيلة لأهداف خبيثة، وكان في ذلك اليوم فرصة له ليحصل على ما خطط له منذ عرفها، وما إن دخلت سيارته حتى تحرك مسرعاً إلى خارج المكان..
في البداية اعتقدت أنه يمازحها، فكانت تضحك وتطالبه بالتعقل، ولكن بعد دقائق قليلة أيقنت أنها في خطر، وأنه ينوي بها شراً، ولكن ذلك جاء متأخراً بعد أن دخل في منطقة نائية بعيداً عن الناس ولم يعد هناك من يستمع لصياحها.
رجته أن يحترم حبها له، وأن يحترم الأشياء الرائعة التي جمعتهما، ولكنه سخر منها، فهو لا يعرف هذه المعاني ولا يؤمن بها، هو فقط يؤمن بمتعة اللحظة، وباقتناص الفرص، وها هي اليوم عروس مزينة له فلماذا يحرم نفسه منها. ثم أغمض عينيه عن دموعها وأصم أذنيه عن صراخها ورجائها.
عادت إلى سيارته بعد أن انتهى منها وهي ترتجف ألماً وذلاً، لم يكن ممكناً أن ترفض ركوب سيارته وهي في الصحراء حيث لا أمل بأن يمر أحد لإنقاذها، لم تستطع طوال الطريق أن تنطق حتى بكلمة، فقط كانت ترتجف ببكائها، وهو يختلس النظر إليها، محدثاً نفسه بأن هذا دور تمثله فقط، وإلا فماذا كانت تنتظر بعد أن جاءت سيارته وهي مزينة كعروس، كان موقناً أنها أرادت ما حدث وسعت إليه، وإلا فلماذا وافقت على رؤيته في ذلك الوقت.
كانت أسرتها تبحث عنها في كل مكان، لم يكن اختفاؤها طبيعياً، حتى هاتفها لم تأخذه معها فأين ذهبت، وعندما دخلت إليهن كانت في حالة مزرية، كل ما فيها يرتجف، وزينتها قد تحولت إلى منظر فظيع، تجمعت أخواتها حولها، بينما لا ترد سوى بالبكاء بينما تهرب عيناها من الالتقاء بعيون أي من أسرتها.
الجزاء بقدر
ترصد الأخوة بالشاب حتى تمكنوا من تصيده بعيداً عن الأعين، وما إن ظفروا به حتى أوسعوه ضرباً وتركوه على حافة الهلاك بعد أن تسببوا له بعدة إصابات اعتبرها الطب الشرعي عاهات مستديمة. وعندما بدأت التحقيقات اعترفوا أمام النيابة بالواقعة كما ذكروا سبب اعتدائهم عليه.
وبناء عليه وجهت النيابة للشاب تهمة الاغتصاب بينما وجه لأشقاء الضحية تهمة الضرب المفضي لعاهات مستديمة، وفي المحكمة تم إدانة المتهمين بالتهم المسندة إليهم، والحكم على الشاب بالسجن 15 عاماً، بينما حكم على أشقاء الضحية بالحبس سنة مع إلزامهم بتأدية الدية الشرعية.