في واحدة من أكبر مآسي هذا القرن، ساق تنظيم الدولة الاسلامية الآلاف من الأيزيديين والأيزيديات أسرى وسبايا، فقتل الأسرى، ثم اتخذ عناصره النساء الأيزيديات سباياهم، وتاجروا فيهن رقاً أبيض، بعدما ولى زمن الرق قديماً.
فريدة واحدة من هؤلاء اللواتي ابتلين بالسبي، تروي لصحيفة “دايلي ميل” البريطانية كيف كانت رقاً جنسياً، تتعرض للاغتصاب والضرب والتعنيف، حتى أن أحد عناصر داعش ضربها بأنبوب بلاستيكي بوحشية كبيرة، على مرأى ومسمع من عروسه البريطانية المراهقة، التي وقفت تتفرج عليها من دون أن تمد لها يد العون.
تفاصيل المحنة
بالتأكيد، فريدة ليس اسمها الحقيقي، لكن ما ترويه لا يفارق الحقيقة، خصوصاً عن فنون التعذيب التي تعرضت له طوال أربعة أشهر في بيت هذا الداعشي بدير الزور.
وتقصّ فريدة للصحيفة تفاصيل محنتها المروعة عندما داهم تنظيم الدولة الإسلامية بلدتها سنجار في العراق في آب الماضي. فاحتجزت ونقلت بين سجون مختلفة لبضعة أشهر، قبل أن يتسلمها المقاتل الداعشي، “إذ قدموا لكل مقاتل امرأة، وأنا كنت من نصيب السعودي المدعو أبو مسلم، وأجبرت على الزواج منه، وكانت له زوجة أخرى بريطانية، لم تقل لي اسمها. كل ما أعرفه هو أن داعش أتى بهذه المرأة من أوروبا لممارسة الجنس معها، بدت لي وكأنها في عشريناتها، داكنة البشرة غريبة الشعر، لا تتقن العربية فترطن بالانكليزية عندما تحادث زوجها، السعودي الذي درس أربع سنوات في كلية الطب بإحدى جامعات أميركا، وتدرب على القبالة القانونية”.
لم تعرف فريدة بالضبط رتبة أبو مسلم في التنظيم، لكنه كان يقول إنه قاضي الشريعة، وقد تسلل إلى سوريا عبر تركيا، منتحلاً صفة مصوّر. وكان متزوجاً وله ثلاثة أبناء، ولدان وبنت، تركهم في السعودية من أجل الانضمام للتنظيم الارهابي، وحاول إجبارها على اعتناق الإسلام.
لم تحرك ساكناً
وفي محل اقامتها الجديد الآمن بأحد مخيمات اللاجئين في العراق، تتابع روايتها لصحيفة ديلي ميل: “كان السعودي عنيفاً، يعتدي عليّ طوال الوقت، عندما يكون غاضباً يضربني بشدة وعنف، وعندما لا أجيد عملي يضربني أيضاً، حتى أنه ضربني بأنبوب بلاستيكي، لذا كنت أنفذ كل ما يأمران به، هو وزوجته”.
فكرت فريدة في الانتحار، لكنها لم تنتحر لأنهم احتجزوها مع إبنة اخيها، كما احتجزوا ابناء اشقائها في منطقة قريبة منها، يسيطر عليها التنظيم الارهابي.
وعن موقف العروس البريطانية المراهقة مما تعرضت له، أجابت فريدة: “كانت تعرف بما أتعرض له من ضرب، لكنها لم تحرك ساكناً، حتى أنها دعمت زوجها، وقالت لي يوماً إن كل الأيزيديين كفار، ومن لا ينتمي لداعش كافر”.
وأضافت فريدة: “قالت لي هذه البريطانية إنها انضمت بكامل حريتها لتنظيم داعش ثم تزوجت هذا الرجل، وكانا يعيشان حياة طبيعية، وكنت خادمةً لهما، وكنت عبدةً لهما، وكانت العلاقة بينهما جيدة، يعاملان بعضهما باحترام، وكانت تكلم عائلتها بالانكليزية عبر الانترنت”.
كشفوا هويتها
لم يتم تأكيد هوية العروس البريطانية، إذ يمكن أن تكون إحدى 60 امرأة وفتاة بريطانية سافرن إلى سوريا ليكنّ عرائس جهادية. وعندما عرضت على فريدة صور لفتيات بريطانيات انضممن إلى داعش، كانت واثقة 100 في المئة من أنها كانت المدعوة سلمى حالاني (17 عاماً)، التي تركت مانشستر مع شقيقتها التوأم زهراء في حزيران من العام الماضي، للانضمام إلى داعش. كما أكدت فريدة أن العروس الجهادية ليست زهراء، بل هي سلمى.
لكن مصادر مقربة من عائلة سلمى قالت إن العائلة على معرفة ببعض تحركات البنتين، لكنها لم تسمع قط بأنهما في دير الزور. وقال مصدر على صلة بمكافحة الإرهاب إن لا دليل على أن التوأمتين كانتا في دير الزور، جنوب شرق الرقة، عاصمة الخلافة التي أنشأها التنظيم. كما أن الشقيقتين غردتا على تويتر في أواخر العام الماضي وقالتا إن زوجيهما قد قتلا في المعارك.
تضيف فريدة قائلةً إنها سألت العروس البريطانية مرارًا عن اسمها، إلا أنها رفضت الافصاح عنه، لأن أسرتها موجودة في بريطانيا، “وهي قالت لي إنها كانت عذراء، لذا كانت تحظى بتقدير كبير بين الجهاديين”.
وبعد أربعة أشهر من المعاناة المستمرة، بيعت فريدة وأطفال أخيها لرجل سوري تصفه فريدة بـ “الرجل الجيد”، الذي لم يعتدِ عليها. فبقوا معه شهراً حتى وافق على الاتصال بشقيقها، فتلقى منه فدية قيمتها 22 ألف دولار مقابل الافراج عنهم، فالتمّ شمل العائلة أخيرًا.
ولم تنتهِ مأساة العائلة بعد، فما زالت زوجة أخيها محتجزةً، وهو قال إنه يحاول جمع الأموال لإعادة “شرائها”.