حط وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، رحاله في الكويت، في بداية جولة خليجية له تشمل قطر والعراق أيضاً، حيث يتوافد مسؤولون أمريكيون وإيرانيون رفيعي المستوى على دول الخليج بعد أيام من توقيع الاتفاق النووي بين الغرب وطهران.
وخطفت المخاوف الخليجية من تداعيات الاتفاق النووي على المنطقة، الأنظار من وهج الاتفاق الذي جاء التوقيع عليه بعد سنوات من المفاوضات الشاقة بين الغرب وطهران، حيث تخشى واشنطن وطهران من رد فعل خليجي غير متوقع.
وتنظر دول الخليج الست، ذات المكانة السياسية والاقتصادية والدينية الكبيرة في العالم، إلى الاتفاق بعين الريبة، وتخشى أن تكون حليفتها القديمة واشنطن، قد رضخت لنفوذ إيراني مدعوم من روسيا لإقرار الاتفاق على حساب مصالح دول الخليج.
وبموجب الاتفاق الذي أبرم منتصف يوليو/تموز الجاري، بين إيران والقوى العالمية فإن العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة على إيران سترفع مقابل قيود طويلة الأجل على برنامجها النووي الذي يشتبه الغرب بأنه يهدف إلى صنع قنبلة نووية، بينما تقول طهران إن أنشطتها النووية ذات أغراض سلمية بحتة.
وبدأت إيران جهوداً دبلوماسية ميدانية لطمأنة دول الخليج من نتائج الاتفاق، وأرسلت وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، إلى الكويت وقطر، وهم الدولتان اللتان رحبتا بتوقيع الاتفاق، لتقديم تفاصيل دقيقة عن توجه طهران بعد الاتفاق.
وقال دبلوماسي خليجي سابق إن طهران ستقدم ضمانات حقيقية للدولتان الخليجيتان حول رغبتها بتحسين العلاقة مع دول الخليج العربي، على أن تنقل الكويت وقطر تلك الضمانات إلى الرياض، الخصم التقليدي لطهران في المنطقة.
وأضاف أن طهران تخشى من ردة فعل خليجية على الاتفاق، بعد أن التقطت الإشارة من واشنطن التي تبذل جهوداً كبيرة لإقناع الرياض ومن خلفها دول الخليج بأن الاتفاق النووي في صالح واشنطن وحلفائها.
ونقلت صحيفة “الأنباء” الكويتية، عن السفير الإيراني لدى الكويت، علي رضا عنايتي، قوله، إن وزير الخارجية الإيراني يحمل في زيارته التي يقوم بها للكويت، رسالة طمأنة لدرء القلق الخليجي من ملفها النووي.
وأضاف عنايتي، أن بلاده مستعدة للتعاون مع المملكة العربية السعودية، موضحاً أن المنطقة العربية بحاجة لسباق التنمية والتطوير الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي والعمل الأمني، وليس لصرف المليارات للدخول في سباق التسلح.
ويقول مراقبون، إن من بين خيارات دول الخليج للرد على الاتفاق النووي، هو صفقات تسلح عملاقة تمولها الصناديق السيادية المليارية لدول الخليج النفطية، سواء من الحليف واشنطن، أو حتى من روسيا ذاتها.
وقالت الكاتبة البارزة في صحيفة “الحياة” اللندنية، راغدة درغام، إن الولايات المتحدة ستحاول طمأنة دول مجلس التعاون الخليجي إلى استمرار العلاقة التحالفية معها من خلال بيع السلاح، وربما من طريق مظلة أمنية تتطلب استثمارات خليجية ضخمة في المؤسسة العسكرية الأميركية.
وتأمل إيران أن تعزز علاقتها مع دول الخليج، للحصول على مكاسب إضافية من الاتفاق النووي، بدل أن تسبقها إليه واشنطن من خلال صفقات تسلح عملاقة، لكن موقفها في سوريا واليمن يشكل أهم العوائق في تعزيز العلاقة مع دول الخليج.
ومن بين الخيارات التي تخشى طهران أن تنفذها دول الخليج، هو التصعيد العسكري في المواجهة غير المباشرة بين الجانبان في كل من اليمن وسوريا، بعد أن نجحت السعودية في مساعدة حلفائها باليمن على تحقيق تقدم لافت في مدينة عدن على حساب جماعة الحوثيين المدعومين من طهران.
وتقول تحليلات للسياسة الإيرانية تجاه دول الخليج بعد توقيع الاتفاق، إن مستقبل العلاقة بين الطرفين يرتبط بصراع إيراني داخلي بين تيار معتدل وآخر متطرف، وأن حسمه سيوضح طبيعة العلاقة بين الطرفين في المستقبل القريب.