اثبتت المملكة العربية السعودية للعالم عمق الاستقرار السياسي وحجم التماسك بين قيادتها وشعبها، وأصبحت نموذجاً تاريخياً للوحدة الوطنية النادرة. وتجلى ذلك بوضوح في الأيام الماضية، حيث شهد العالم سلاسة غير مسبوقة في انتقال الحكم من الملك عبد الله بن عبد العزيز -طيب الله ثراه- إلى ذمة الله، وبويع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – يحفظه الله- ملكاً للمملكة العربية السعودية.
وقد أظهرت المنعطفات التاريخية والأزمات والتحديات الأمنية وتحولات الأحداث التي مرّت وتمرّ بها المنطقة العربية، مستوى “الوعي” الذي وصل إليه المواطن السعودي، وحجم إدراكه لمسؤولياته العظيمة تجاه المملكة في وقت الرخاء ووقت الشده، وأصبح هذا “الوعي”، الذي تراهن عليه القيادة السياسية، هو “خط الدفاع الأول” لوحدة واستقرار المملكة، وصدّ كيد الحاقدين ومخططاتهم التي ما تلبث أن تتلاشى وتفشل في كل مرحلة أمام إرادة المواطن ووطنيته التي تتجلى وقت الشدة؛ مدعومة بقيادة سياسية حكيمة.
وقد تجاوزت المملكة مرحلة مهمة من تاريخها بثقة وعزم وسلاسة، وخلال أقل من ساعه كانت مقاليد الحكم قد انتقلت من الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله -وبإجماع تام من الأسرة المالكة ومن الشعب بكافة أطيافه؛ لتمضي المسيرة دون أن يعكر صفو ذلك أي شيء، وسط “دهشة” العالم أجمع، مما تصدى لسيل من الشائعات والتكهنات والأكاذيب المغرضة التي يروج لها البعض في مثل هذه المراحل تحديداً، وكان الرد ملجماً لهؤلاء وهم يرون تلك الحشود الشعبية الغفيرة يكتظ بها قصرا “الحكم” و”اليمامة” وقصر الملك الراحل، إضافة إلى إمارات المناطق، لتبايع خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز أل سعود – يحفظه الله – مصحوبةً بسيل من المشاعر الوطنية التي امتلأت بها وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
فلأبناء آل سعود، خصوصية يقف لها العالم تبجيلاً واحتراماً، فقد أرسى مبادئها الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – رحمه الله -، تلك المبادئ التي زادت قوة وصلابة الروابط بين أبناء الأسرة الحاكمة فلم تزدها التحديات إلاّ قوة وصلابة ووحدة قل أن يرى لها مثيلاً في العالم.
وكشفت الأحداث والمواقف التي مرّت بها المملكة مدى قوة ورسوخ “الوحدة الوطنية” التي تميز المجتمع السعودي، والتي تبرز أكثر في الوقت المناسب، فبرغم الاختلاف والجدال الذي يظهر بين الحين والآخر على الصعيد الداخلي، ولكن أبناء المملكة لا يتركون مجالاً لأي تدخلات خارجية تخترق وحدة الصف واستقرار بلدهم الغالي. وتؤكد سياسة المملكة الداخلية، على أنه من حق أي مواطن أن ينتقد ويبدي رأيه، بل ويختلف مع عمل أي مؤسسة حكومية، أو تجاه أداء أي مسؤول، بل إنها ترحب بالنقد الهادف الذي يبني ولا يهدم في حدود المسؤولية القانونية والأخلاقية.
وقد مرت المملكة بالعديد من الظروف والأحداث والتحولات، وتعرضت للعديد من المخاطر التي لم تشهدها أي دولة اخرى، سواء أحداث إرهابية أو تداعيات الثورات العربية أو مخططات الفوضى والتحزبات والتنظيمات الإرهابية، أو محاولات ضرب وحدة وتماسك المجتمع من جانب، أو ظروف انتقال الحكم من قيادة إلى خلفها في ظل ما تشهده المنطقة من توتر، ومع كل ذلك ظلت المملكة عصية على العدو بحفظ الرحمن، ثم بحكمة قيادتها المتعاقبة في التعامل معها، إلى جانب الحالة الفريدة التي يقف فيها أبناء الوطن صفاً واحداً أمام هذه التحديات لتنكسر كل مخططات الحاقدين أمامها.
وكما ذكر الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- في آخر خطاباته في مجلس الشورى، الذي ألقاه نيابة عنه خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – يحفظه الله-، “أن الأمن يظل هاجساً أساسياً لنا جميعاً، وقد شهدنا خلال العام الفائت محاولات مستميتة من الفئة الضالة وعناصر الفئة الضالة وعناصر التخريب ودعاة الفرقة للنيل من استقرار بلادكم ووحدتها”.
وأخيراً.. المواطن السعودي كما أنه وقت الأزمات يظهر أكثر قوة وعلى كلمة رجل واحد متماسكاً لا تهزه الأحداث، فإنه يبدو أكثر ثقة واطمئناناً عندما يرى أبناء الأسرة الحاكمة كذلك متكاتفين على قلب رجل واحد لا تهزهم المواقف ولا تؤثر فيهم الشائعات.